حوارات وتحقيقات

السبت - 17 يونيو 2023 - الساعة 01:08 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/د. أنور الصوفي

لم أشعر بتقدم العمر، وكانت تنبهني بين الفينة والأخرى صيحات بعض الشباب عندما ينادونني كيف حالك يا حاج؟ كيفك يا والد؟ ولا يؤلمني إلا مناداة صاحب الباص بقوله: عدن يا حاج، وأقترب من الباص، وأسمعه يقول: افتح للشيبة يطلع قدام، وكنت أسمع كلامهم هذا، وخبي بداخلي، ولا أشعرهم بأنني متضايق من كلامهم هذا.

كنت الأسبوع الماضي في رحلة عمل صوب كلية التربية لودر لأداء محاضرتين على مسامع طلابي، وأثناء حديثنا في الطريق قال زميلي الأستاذ سعيد مع من درست يا بن شيخ؟ فقلت له مع فلان، وفلان، وفلان، فقال: والله كبير، وأردف قائلًا: والله شعك شيبة يا ابن الصوفي، حاولت التملص من كلمة شيبة، وقلت له: يا أخي أنا درست وأنا صغير، فلقد كنت أذهب إلى المدرسة ومعي المصاصة داخل حقيبة المدرسة، درست وأنا أحبو.

لم يقتنع الأستاذ سعيد والزملاء في الباص بالمصاصة، فقلت لهم: أنا درست مع أخي الذي أكبر مني في صف واحد، يعني أنا صغير، فحاولت بكل الأدلة أن أثبت لهم أنني مازلت صغيرًا، حتى قلت لهم: في البطاقة عمري من مواليد 1971م هنا أعلن الأستاذ سعيد انتصاره وأثبت بأنني كبير، وشيييييييبة، وعدت لحكاية أخي الذي هو أكبر مني وقلت: إنه في البطاقة أصغر مني، فقال الأستاذ سعيد: الدليل البطاقة، هنا تذكرت الفنانة نيللي في فوازيرها وهي تقول: عالم ورق.

الله يسامحك يا أستاذ سعيد فقد كنت كل أسبوع أؤدي محاضراتي وأنا زي الحصان، ولكن في هذا الأسبوع المشؤوم خارت قواي، وأحسست أنني قد تجاوزت الخمسين، وروحت، وتسطحت على القعادة، وكلما قمت تذكرت كلمات الأستاذ سعيد المشؤومة، فبكيت على الشباب بدمعي عيني، ولكن لم يغن البكاء ولا النحيب، فيا ليت الشباب يعود يومًا، لأخبره بما قال سعيد.