حوارات وتحقيقات

السبت - 23 فبراير 2019 - الساعة 12:59 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/الشيخ عمار العريقي

# عجائب وتناقضات وأهواء في تعامل الدهماء الغوغاء مع الربانيين من العلماء ، ففي حال اعتبارهم نظريا محل الثقة والقيادة والقدوة والولاء، لكنهم يمارسون معهم دور القيادة والوصاية و الاستعلاء، مما يقلب الموازين فيجعل العلماء تابعين والجهال قادة متبوعين !!
"مَتَى تَصِلُ العِطُاشُ إِلى ارْتِوَاءٍ
إِذَا اسْتَقَتِ البِحَارُ مِنْ الرَّكَايَا؟!
"وَمَنْ يُثْنِي الأَصَاغِرَ عَنْ مُرَادٍ
وَقَدْ جَلَسَ الأَكَابِرُ فِي الزَّوَايَا"
"وإِنَّ تَرَفُّعَ الوُضُعَاءِ يَوْمًا
عَلَى الرُّفَعَاءِ مِنْ أدهى الرَّزَايا"
"إِذَا اسْتَوَتْ الأَسَافِلُ والأَعَالِي
فَقَدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ الْمَنَايَا"

# من القطعيات أن العلماء ليسوا بالمعصومين وليس كلهم ربانيين ، لكن مانشهده من هجمة شرسة في تعميم اتهامهم وتضخيم أخطائهم ورميهم بالجهل بالواقع والجبن عن الصدع بالحق والتطرف والعنف والتعلق بالدنيا والركون إلى الذين ظلموا في حال مانشهد من تسامح بل وتبرير حين تغيير البعض للمواقف والحروف بحسب تغير المصالح والظروف، فهوى المتقلب يدور دأئما مع القوي المتغلب.

# ومن المجازفات تحميل العلماء تبعات الأزمات و مسؤوليات العمل الإعلامي والرقابي الاحتسابي والجهادي والسياسي بحجة عموم حديث ( العلماء ورثة الأنبياء) نعم، ولكنه عموم أريد به الخصوص، فهي وراثة خاصة في البيان والتزكية والنصح والتعليم (يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم)،فليسوا ورثتهم في تحمل أعباء السلطة ومع أهمية فهم الواقع السياسي وغيره إلا أنه لايلزمهم الخوض في العمل الحزبي أو السياسي إلا في حال تحمل بعضهم مسؤولية الأمرين( حُكْمًا وَعِلْمًا ) كالنبي عليه الصلاة والتسليم وخلفائه الراشدين ،فكيف مع بعد العلماء غالبا عن مواقع القرار والتأثير؟

# ومن التناقضات عدم قبول العلمانيين كلام العلماء في السياسة ،لكنهم يسمحون لأنفسهم أن يفتوا في الشريعة بغير تخصص ولا دراسة و يتهمونهم حال مشاركتهم في الثورات السلمية أو الأحزاب السياسية او المواقف المفصلية بوسمهم طلاب مال و كراسي ودعاة فتنة خارجين ، وفي عدم المشاركة فلا أقل من اتهامهم كمتخاذلين.
وربما عيب عليهم الاشتغال ببعض الحرف والمهن متناسين أن أنبياء الله عليهم السلام داود عمل حدادا، وإدريس خياطا، وموسى أجيرا، ومحمد في التجارة وراعيا، وربما ذم ماعليه بعضهم من الثراء والنعم، مع مايعلم أن ستة من العشرة المبشرين كانوا من أصحاب الملايين، فما من عيب في ذلك ولاملامة بل فضيلة وكرامة(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

# منطلقات العلماء في مواقفهم تتمثل من جمع وفهم للنصوص الشرعية والأصول العلمية والقواعد الفقهية واعتبار أنواع من العلم ،كعلم مقاصد الشريعة وفقه الواقع و الأولويات والموازنات والمآلات ومراعاة العذر بالجهل والإكراه والضرورة وشرط القدرة والاستطاعة في التكاليف حيث(لايكلف الله نفسا إلا وسعها)، وهي فقهية تتنافى ومناهج المشغبين عليهم من أهل الإفراط والتفريط المخالفة لمقاصد وسماحة ووسطية الشريعة كالمناهج الجامدة على السطحية الظاهرية والمتوسعة فيما يعرف بالعقلانية وأعمال العنف الداعشية.

# إننا هنا لانعطي العلماء حق التقديس ولكن واجب حسن الظن والتقديم والتقدير، كما صرحت به الآيات نحو : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏).
فحق على من رفع الله لهم في الدرجات تقديم واجب النصرة لهم والموالاة ، فولاة الأمر (العلماء والأمراء) ركيزة المحافظة على العقيدة والشريعة والحقوق والمصالح الكلية و سر بقاء الأخلاق والقيم والأمن والاستقرار عند الفتن.
فرفقا بالعلماء أيها المستهترون، فلستم بمثل هذه السطحية للعلماء تنصحون ولا للواقع تصلحون فحسبهم أن أفنوا أعمارهم في دراسة وتدريس الشرع ونصرة الحق حسب الاستطاعة ، وهم صمام الأمان لحفظ مصالح الأمن والوطن والدين.
أقِلوا عليهم لاأباً لأبيكمُ
من اللوم، أو سدوا المكان الذي سدّوا.
اللهم احفظ علماءنا ووفقهم وانصرهم واجزهم عنا خيرا واحقن دماءهم واحفظ أعراضهم والمسلمين ياأرحم الراحمين.