مقالات وآراء

الأحد - 11 مايو 2025 - الساعة 06:01 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_المستشار أرسلان السقاف

ليست عدن اليوم مدينةً فقط، بل شاهد حيّ على انهيار منظومة الحقوق الأساسية، وانكشاف الغطاء عن منظومة حكم لا تؤمن إلا بالقهر والتجويع والإذلال وسيلة للسيطرة. لقد تحوّلت عدن، بكل ما تمثله من رمزية حضارية وتاريخية، إلى مسرح مفتوح لانتهاكات ممنهجة تمس جوهر الكرامة الإنسانية والعيش الكريم.

في وضح النهار، تُحرم مئات الآلاف من الأسر من رواتبها المستحقة، تُصرف إن صُرفت، منقوصة لا تكفي ثمن قوت يوم أو دواء مريض. في عدن، تغيب الكهرباء لأيام طويلة، والماء يُقطع دون مبرر، والأدوية تتوفر فقط لمن يملك ثمنها في سوق سوداء لا تخضع لرقابة ولا ضمير.

ما يحدث ليس عشوائيًا. إنها سياسة تجويع متعمدة، ترمي إلى إنتاج إنسان لا يفكر إلا في رغيف خبز، يُمن عليه به، فيغض الطرف عن فساد المسؤول، ونهب الموارد، وبناء القصور فوق أنقاض الفقراء.

إنهم يريدون لمواطن عدن أن يُشغل بالبحث عن الماء، عن الكهرباء، عن حبة دواء، كي لا يسأل عن المليارات المنهوبة، ولا يرفع صوته على الظلم، ولا يتذكر أنه يستحق وطنًا أفضل.

لقد بلغ الأمر حدّ قلب المفاهيم: باتوا يقنعون الناس أن الجوع “حكمة”، وأن الصمت “فضيلة”، وأن من ثاروا من أجل الحرية أخطأوا، وأن المستبد منقذ لا بديل له.

كل ذلك يمثل، من زاوية قانونية، انتهاكًا صارخًا للدستور الذي يضمن في مواده (47، 51، 54) الحقوق الأساسية للمواطن من معاش ورعاية وخدمات، كما يُعد خرقًا فاضحًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صادقت عليه الدولة.

إن سياسة الإفقار الممنهج والتجويع القسري، حين تُمارس كأداة للسيطرة، تُصنّف وفق القانون الدولي ضمن الجرائم ضد الإنسانية، لكونها تمس حق الإنسان في الحياة والكرامة، وتُرتكب ضمن هجوم منهجي واسع ضد السكان المدنيين.

ومن موقعنا القانوني والمهني، نوجه هذا النداء للعقلاء في مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الشرعية ولجميع المكونات السياسية وللمجتمع المحلي والدولي وفي مقدمتهم دول التحالف العربي ارفعوا الصوت من أجل عدن التي دافعت عن مشروع العروبه ، من أجل أطفال ينامون على جوع، وأمهات يكابدن المرض في صمت، وشباب ضاعت أحلامهم في الظلام.

عدن لا تستحق هذا المصير، ولن تبقى مدينة مقهورة إلى الأبد، فالشعوب التي تفكر، تنهض، وإن نهضت، تهدم عروش الظالمين.
والسلام ختام "